فصل: (الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ التَّوَسُّطُ عِنْدَ الْجَمِيعِ)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النشر في القراءات العشر ***


بَابُ هَاءِ الْكِنَايَةِ

وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ هَاءِ الضَّمِيرِ الَّتِي يُكَنَّى بِهَا الْمُفْرَدُ الْمُذَكَّرُ الْغَائِبُ وَهِيَ تَأْتِي عَلَى قِسْمَيْنِ‏:‏ الْأَوَّلُ قَبْلَ مُتَحَرِّكٍ، وَالثَّانِي قَبْلَ سَاكِنٍ، فَالَّتِي قَبْلَ مُتَحَرِّكٍ إِنْ تَقَدَّمَهَا مُتَحَرِّكٌ وَهُوَ فَتْحٌ أَوْ ضَمٌّ فَالْأَصْلُ أَنْ تُوصَلَ بِوَاوٍ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ نَحْوُ ‏{‏إِنَّهُ هُوَ‏}‏، ‏{‏إِنَّهُ أَنَا‏}‏، ‏{‏قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ ‏{‏، وَإِنْ كَانَ الْمُتَحَرِّكُ قَبْلَهَا كَسْرًا فَالْأَصْلُ أَنْ تُوصَلَ بِيَاءٍ عَنِ الْجَمِيعِ نَحْوُ ‏{‏يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا‏}‏، ‏{‏فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ‏}‏، ‏{‏وَقَوْمِهِ إِنَّنِي‏}‏، وَإِنْ تَقَدَّمَهَا سَاكِنٌ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي صِلَتِهَا وَعَدَمِ صِلَتِهَا كَمَا سَنُبَيِّنُهُ، وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَ سَاكِنٍ، فَإِنْ تَقَدَّمَهَا كَسْرَةٌ أَوْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ، فَالْأَصْلُ أَنْ تُكْسَرَ هَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ عَنِ الْجَمِيعِ نَحْوُ ‏{‏عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ‏}‏، وَ‏{‏مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ‏}‏، وَ‏{‏بِهِ اللَّهُ‏}‏، وَعَلَيْهِ اللَّهَ، وَ‏{‏إِلَيْهِ الْمَصِيرُ‏}‏ ‏{‏وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ‏}‏، وَإِنْ تَقَدَّمَهَا فَتْحٌ أَوْ ضَمٌّ أَوْ سَاكِنٌ غَيْرُ الْيَاءِ فَالْأَصْلُ ضَمُّهُ مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ عَنْ كُلِّ الْقُرَّاءِ نَحْوُ ‏{‏فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ‏}‏، ‏{‏وَلَهُ الْمُلْكُ‏}‏، ‏{‏تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ‏}‏، ‏{‏قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ‏}‏، ‏{‏يَعْلَمُهُ اللَّهُ‏}‏، ‏{‏تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ‏}‏‏.‏

وَقَدْ خَرَجَ مَوَاضِعُ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ، نَذْكُرُهَا مُسْتَوْفَاةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ نُبَيِّنَ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْهَاءِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ كُلِّ سَاكِنٍ قَبْلَ مُتَحَرِّكٍ، فَنَقُولُ‏:‏ لَا يَخْلُو السَّاكِنُ قَبْلَ الْهَاءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ يَاءً، أَوْ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ يَاءً، فَإِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ يَصِلُ الْهَاءَ بِيَاءٍ فِي الْوَصْلِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ يَاءٍ وَصَلَهَا ابْنُ كَثِيرٍ أَيْضًا بِوَاوٍ، وَذَلِكَ نَحْوُ ‏{‏فِيهِ هُدًى‏}‏، وَ‏{‏عَلَيْهِ آيَةٌ‏}‏، وَ‏{‏مِنْهُ آيَاتٌ‏}‏، وَ‏{‏اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى‏}‏، ‏{‏خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى‏}‏ وَالْبَاقُونَ يَكْسِرُونَهَا بَعْدَ الْيَاءِ، وَيَضُمُّونَهَا بَعْدَ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ، إِلَّا أَنَّ حَفْصًا يَضُمُّهَا فِي مَوْضِعَيْنِ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ‏}‏ فِي الْكَهْفِ، وَ‏{‏عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ‏}‏ فِي الْفَتْحِ، وَافَقَهُ حَفْصٌ عَلَى الصِّلَةِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فِيهِ مُهَانًا‏}‏ فِي الْفُرْقَانِ‏.‏

وَأَمَّا مَا خَرَجَ مِنَ الْمُتَحَرِّكِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَبْلَ مُتَحَرِّكٍ وَعِدَّتُهُ اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا فِي عِشْرِينَ مَوْضِعًا‏:‏ ‏{‏يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ‏}‏، وَ‏{‏لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ‏}‏ فِي آلِ عِمْرَانَ ‏{‏وَنُؤْتِهِ مِنْهَا‏}‏ فِي آلِ عِمْرَانَ وَالشُّورَى وَ‏{‏نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ‏}‏ فِي النِّسَاءِ، ‏{‏وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا‏}‏ فِي طه، وَيَتَّقِهِ فِي النُّورِ، وَفَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ فِي النَّمْلِ، وَ‏{‏يَرْضَهُ لَكُمْ‏}‏ فِي الزُّمَرِ، وَأَنْ لَمْ يَرَهُ فِي الْبَلَدِ، وَ‏{‏خَيْرًا يَرَهُ‏}‏ فِي الزَّلْزَلَةِ، وَأَرْجِهِ فِي الْأَعْرَافِ وَالشُّعَرَاءِ، وَ‏{‏بِيَدِهِ‏}‏ فِي مَوْضِعَيِ الْبَقَرَةِ، وَحَرْفِ الْمُؤْمِنُونَ وَيس، وَ‏{‏تُرْزَقَانِهِ‏}‏ فِي يُوسُفَ‏.‏

فَسَكَّنَ الْهَاءَ مِنْ يُؤَدِّهْ، وَنُؤْتِهْ، وَنُوَلِّهْ، وَنُصْلِهْ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَهِشَامٍ، فَأَسْكَنَهَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَبُو الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِمَا عَنْ أَصْحَابِهِمَا، عَنْ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْهَاشِمِيُّ عَنِ ابْنِ جَمَّازٍ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ، وَأَسْكَنَهَا عَنْ هِشَامٍ الدَّاجُونِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ‏.‏

وَكَسَرَ الْهَاءَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ يَعْقُوبُ وَقَالُونُ وَأَبُو جَعْفَرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْعَلَّافِ وَابْنِ مِهْرَانَ وَالْخَبَّازِيِّ وَالْوَرَّاقِ وَهِبَةِ اللَّهِ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، عَنِ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ وَرْدَانَ، وَمِنْ طَرِيقِ الدُّورِيِّ عَنِ ابْنِ جَمَّازٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ سَوَّارٍ، عَنِ الْهَاشِمِيِّ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَى عَنْهُ كَذَلِكَ بِالْقَصْرِ ابْنُ عَبْدَانَ وَابْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَمَّالِ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّامَرِّيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّيْسِيرِ سِوَاهُ، وَرَوَى النَّقَّاشُ وَأَحْمَدُ الرَّازِيُّ، وَابْنُ شَنَبُوذَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِمْ عَنِ الْجَمَّالِ بِإِشْبَاعِ كَسْرَةِ الْهَاءِ فِي الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ سَائِرُ الْمُؤَلِّفِينَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ سِوَاهُ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ، ذَكَرَهُمَا الشَّاطِبِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَاخْتُلِفَ عَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، فَرَوَى الْخَمْسَةُ عَنِ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنْهُ بِالِاخْتِلَاسِ، وَكَذَا رَوَى زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ أَبِي الْعِزِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَبَّابُ كِلَاهُمَا عَنِ الرَّمْلِيِّ، عَنِ الصُّورِيِّ، وَبِذَلِكَ قَطَعَ لَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَصَاحِبُ الْإِرْشَادِ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْ غَيْرِ زَيْدٍ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْمَنْهَجِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ سِوَاهُ، وَهُوَ رِوَايَةُ الثَّعْلَبِيِّ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَرَوَى عَنْهُ زَيْدٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعِزِّ وَغَيْرِهِ بِالْإِشْبَاعِ‏.‏ وَكَذَا رَوَى الْأَخْفَشُ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ لِابْنِ ذَكْوَانَ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ، فَيَكُونُ لِأَبِي جَعْفَرٍ وَجْهَانِ، وَهُمَا الْإِسْكَانُ وَالِاخْتِلَاسُ، وَلِابْنِ ذَكْوَانَ وَجْهَانِ، وَهُمَا الصِّلَةُ وَالِاخْتِلَاسُ، وَلِهِشَامٍ الثَّلَاثَةُ‏:‏ الْإِسْكَانُ وَالِاخْتِلَاسُ وَالصِّلَةُ، وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِيُّ عَنِ ابْنِ بُويَانَ، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، عَنْ قَالُونَ، فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَكَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي ‏{‏فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ‏}‏، إِلَّا أَنَّ حَفْصًا سَكَّنَ الْهَاءَ مَعَ مَنْ أَسْكَنَ، فَيَكُونُ عَاصِمٌ بِكَمَالِهِ يُسَكِّنُهَا، وَكَذَا سَكَّنَهَا الْحَنْبَلِيُّ، عَنْ هِبَةِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ مَعَ مَنْ أَسْكَنَهَا عَنْهُ، فَيَكُونُ عَلَى إِسْكَانِهَا النَّهْرَوَانِيُّ، وَابْنُ هَارُونَ، وَالْحَنْبَلِيُّ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ وَرْدَانَ، وَيَكُونُ عَلَى قَصْرِهَا عَنْهُ ابْنُ الْعَلَّافِ، وَابْنُ مِهْرَانَ وَالْحَمَّامِيُّ، وَكَذَا رَوَى الْأَهْوَازِيُّ عَنْهُ‏.‏

وَسَكَّنَ الْهَاءَ مِنْ يَتَّقِهْ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ، وَخَلَّادٍ، وَابْنِ وَرْدَانَ، فَأَمَّا هِشَامٌ فَالْخِلَافُ عَنْهُ كَالْخِلَافِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَحْرُفِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَوْجُهِهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا خَلَّادٌ فَنَصَّ عَلَى الْإِسْكَانِ لَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ فِي كِفَايَتِهِ، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالرَّوْضَةِ، وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي قَرَأَ بِهِ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ الْفَحَّامِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَالْمَالِكِيِّ عَنِ الْحَمَّامِيِّ، إِلَّا أَنَّ سِبْطًا الْخَيَّاطَ ذَكَرَ الْإِسْكَانَ، عَنْ حَمْزَةَ بِكَمَالِهِ، وَهُوَ سَهْوٌ، فَقَدْ نَصَّ شَيْخُهُ الشَّرِيفُ أَبُو الْفَضْلِ عَلَى الْإِسْكَانِ لِخَلَّادٍ وَحْدَهُ، وَنَصَّ لَهُ عَلَى الصِّلَةِ صَاحِبَا التَّلْخِيصِ وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالتَّذْكِرَةِ، وَسَائِرُ الْمَغَارِبَةِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَنَصَّ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ، وَأَمَّا ابْنُ وَرْدَانَ فَرَوَى عَنْهُ الْإِسْكَانَ النَّهْرَوَانِيُّ، وَابْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ، وَهِبَةُ اللَّهِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِشْبَاعَ ابْنُ مِهْرَانَ وَابْنُ الْعَلَّافِ، وَالْوَرَّاقُ، وَرَوَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْخَبَّازِيُّ، وَكَسَرَ الْهَاءَ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ يَعْقُوبُ وَقَالُونُ وَحَفْصٌ، إِلَّا أَنَّ حَفْصًا يُسَكِّنُ الْهَاءَ قَبْلَهَا، وَوَافَقَهُمْ عَلَى كَسْرِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ هِشَامٌ فِي أَحَدِ أَوْجُهِهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَابْنِ جَمَّازٍ، فَأَمَّا ابْنُ ذَكْوَانَ فَالْخِلَافُ عَنْهُ كَالْخِلَافِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَحْرُفِ الْمُتَقَدَّمَةِ، وَأَمَّا ابْنُ جَمَّازٍ فَرَوَى عَنْهُ الدُّورِيُّ وَالْهَاشِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْجَمَّالِ قَصْرَ الْهَاءِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ الْهُذَلِيُّ عَنْهُ سِوَاهُ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الْهَاشِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ رَزِينٍ إِشْبَاعَ كَسْرَةِ الْهَاءِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ لَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْقَصَّاعِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ سَوَّارٍ عَنِ ابْنِ جَمَّازٍ سِوَاهُ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ، وَانْفَرَدَ الشَّذَائِيُّ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، عَنْ قَالُونَ بِذَلِكَ، كَانْفِرَادِهِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَحْرُفِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ خَلَّادٍ وَابْنِ وَرْدَانَ وَجْهَانِ‏:‏ الْإِسْكَانُ وَالْإِشْبَاعُ، وَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَابْنِ جَمَّازٍ وَجْهَانِ‏:‏ الْقَصْرُ وَالْإِشْبَاعُ، وَيَكُونُ لِهِشَامٍ كُلٌّ مِنَ الثَّلَاثَةِ‏.‏

وَسَكَّنَ الْهَاءَ مِنْ ‏{‏يَرْضَهُ‏}‏ السُّوسِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنِ الدُّورِيِّ، وَهِشَامٍ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ جَمَّازٍ، فَأَمَّا الدُّورِيُّ فَرَوَى عَنْهُ الْإِسْكَانَ أَبُو الزَّعْرَاءِ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَدَّلِ وَابْنُ فَرَحٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّوِّعِيِّ، عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ شَاذَانَ الْقَطَّانِ وَأَبِي الْحَسَنِ الْحَمَّامِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ فَرَحٍ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ سِوَاهُ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ فَرَحٍ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْوِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَاسِمِ وَالْعَلَّافِ، وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاغِدِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الدُّورِيِّ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الصِّلَةَ ابْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي بِلَالٍ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْقَطَّانِ وَالْحَمَّامِيِّ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى مَنْ قَرَأَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزَّعْرَاءِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَسَائِرُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الْمَغَارِبَةِ عَنِ الدُّورِيِّ سِوَاهُ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَنْهُ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّيْسِيرِ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْوِيدِ عَلَى ابْنِ نَفِيسٍ وَعَبْدِ الْبَاقِي، وَأَمَّا هِشَامٌ فَرَوَى عَنْهُ الْإِسْكَانَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَظَاهِرُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدَانَ، وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ‏.‏

وَقَدْ كَشَفْتُهُ مِنْ جَامِعِ الْبَيَانِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، عَنْ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ خَلِيعٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَلَيْسَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ طُرُقِ التَّيْسِيرِ وَلَا الشَّاطِبِيَّةِ‏.‏ وَقَدْ قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُ رِوَايَةَ الْإِسْكَانِ عَنْ هِشَامٍ فَلَمْ أَجِدْهَا فِي غَيْرِ مَا ذَكَرْتُ سِوَى مَا رَوَاهُ الْهُذَلِيُّ، عَنْ زَيْدٍ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيِّ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَمَا رَوَاهُ الْأَهْوَازِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامٍ، وَذَكَرَهُ فِي مُفْرَدِهِ ابْنُ عَامِرٍ، عَنِ الْأَخْفَشِ، وَعَنْ هِبَةِ اللَّهِ، وَالدَّاجُونِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ فِي جَامِعِهِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْكَرَمِ فِي هَاءِ الْكِنَايَةِ مِنَ الْمِصْبَاحِ، عَنِ الْأَخْفَشِ، عَنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي الزُّمَرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ طُرُقِنَا، وَفِي ثُبُوتِهِ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عِنْدِي نَظَرٌ، وَلَوْلَا شُهْرَتُهُ، عَنْ هِشَامٍ وَصِحَّتُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ نَذْكُرْهُ‏.‏ وَرَوَى الِاخْتِلَاسَ سَائِرُ الرُّوَاةِ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ مُؤَلَّفَاتِهِمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَرَوَى عَنْهُ الْإِسْكَانَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَمْدُونَ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّجْرِيدِ، عَنْ يَحْيَى بِكَمَالِهِ‏.‏

وَكَذَا رَوَى ابْنُ خَيْرُونَ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ الْعَلِيمِيُّ، وَابْنُ آدَمَ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ سِوَى ابْنِ خَيْرُونَ، عَنْهُ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ‏.‏ وَأَمَّا ابْنُ جَمَّازٍ فَسَكَّنَ الْهَاءَ عَنْهُ الْهَاشِمِيُّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْأُشْنَانِيِّ، وَهُوَ نَصُّ صَاحِبِ الْكَامِلِ، وَوَصَلَهَا بِوَاوٍ الدُّورِيُّ عَنْهُ، وَالْأُشْنَانِيُّ عَنِ الْهَاشِمِيِّ، وَاخْتَلَسَ ضَمَّةَ الْهَاءِ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ، وَيَعْقُوبُ، وَحَفْصٌ، وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَابْنِ وَرْدَانَ، وَهِشَامٍ وَأَبِي بَكْرٍ، فَأَمَّا ابْنُ ذَكْوَانَ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ الصُّورِيُّ وَالنَّقَّاشُ، عَنِ الْأَخْفَشِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الدَّانِيِّ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُبْهِجِ عَنْهُ سِوَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْإِرْشَادَيْنِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَسَائِرِ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْأَخْرَمِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِشْبَاعَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْأَخْرَمِ، عَنِ الْأَخْفَشِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ سِوَى الْمُبْهِجِ، وَكَذَلِكَ رَوَى الدَّانِيُّ وَابْنُ الْفَحَّامِ الصَّقَلِّيُّ عَنْهُ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِمَا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ مِهْرَانَ وَابْنُ سُفْيَانَ، وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَسَائِرُ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ عَنْهُ سِوَاهُ، فَأَمَّا ابْنُ وَرْدَانَ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ ابْنُ الْعَلَّافِ وَابْنُ مِهْرَانَ وَالْخَبَّازِيُّ، وَالْوَرَّاقُ، عَنْ أَصْحَابِهِمْ، عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَهْوَازِيِّ، وَالرَّهَاوِيِّ، عَنْ أَصْحَابِهِمَا، عَنْهُ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِشْبَاعَ ابْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَالنَّهْرَوَانِيُّ، عَنْ أَصْحَابِهِمْ، عَنْهُ، وَأَمَّا هِشَامٌ، وَأَبُو بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ عَنْهُمَا، وَأَشْبَعَ ضَمَّةَ الْهَاءِ فِيهِمَا الْبَاقُونَ، وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ، وَاخْتُلِفَ عَنِ الدُّورِيِّ، وَابْنِ جَمَّازٍ، وَابْنِ ذَكْوَانَ، وَابْنِ وَرْدَانَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ لِكُلٍّ مَنَ الدُّورِيِّ، وَابْنِ جَمَّازٍ وَجْهَانِ‏:‏ الْإِسْكَانُ وَالْإِشْبَاعُ، وَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ هِشَامٍ وَأَبِي بَكْرٍ وَجْهَانِ‏:‏ الْإِسْكَانُ وَالِاخْتِلَاسُ، وَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَابْنِ وَرْدَانَ وَجْهَانِ‏:‏ الِاخْتِلَاسُ وَالْإِشْبَاعُ‏.‏

وَاخْتُلِفَ عَنِ السُّوسِيِّ فِي إِسْكَانِ هَاءِ يَأْتِهِ فَرَوَى الدَّانِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ عَنْهُ إِسْكَانَهَا، وَكَذَلِكَ ابْنَا غَلْبُونَ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالشَّاطِبِيُّ، وَسَائِرُ الْمَغَارِبَةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ سَوَّارٍ، وَابْنُ مِهْرَانَ، وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْإِرْشَادَيْنِ وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالْكَامِلِ، سَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ عَنْهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ فِي هِدَايَتِهِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ قَالُونَ وَابْنِ وَرْدَانَ، وَرُوَيْسٍ فِي اخْتِلَاسِهَا، فَأَمَّا قَالُونُ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ وَجْهًا وَاحِدًا صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَأَبُو الْعَلَاءِ فِي غَايَتِهِ، وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ، وَهِيَ طَرِيقُ صَالِحِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَطَرِيقُ ابْنِ مِهْرَانَ، وَابْنِ الْعَلَّافِ وَالشَّذَائِيِّ، عَنِ ابْنِ بُويَانَ‏.‏ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ السَّامَرِّيِّ وَالنَّقَّاشِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِشْبَاعَ وَجْهًا وَاحِدًا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْكَامِلِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِنَا، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ سِوَاهُ، وَهِيَ طَرِيقُ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيِّ، وَغُلَامِ الْهَرَّاسِ، عَنْ أَبِي بُويَانَ، وَطَرِيقُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنْهُ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَأَمَّا ابْنُ وَرْدَانَ فَرَوَى الِاخْتِلَاسَ عَنْهُ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْعَلَّافِ، وَالْوَرَّاقُ، وَابْنُ مِهْرَانَ، عَنْ أَصْحَابِهِمْ، عَنِ الْفَضْلِ، وَبِهِ قَرَأَ الْخَبَّازِيُّ عَلَى زَيْدٍ فِي الْخَتْمَةِ الْأُولَى، وَرَوَى عَنْهُ الْإِشْبَاعَ النَّهْرَوَانِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَابْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ كَذَلِكَ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْخَبَّازِيُّ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَى زَيْدٍ فِي الْخَتْمَةِ الثَّانِيَةِ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ، وَأَمَّا رُوَيْسٌ، فَرَوَى الِاخْتِلَاسَ عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً، لَا نَعْرِفُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَرَوَى الصِّلَةَ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ، وَالدَّانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ فِيمَا أَحْسَبُ، وَسَائِرُ الْمَغَارِبَةِ، وَبِذَلِكَ، قَرَأَ الْبَاقُونَ، وَهُوَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَعَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَوَرْشٌ وَالدُّورِيُّ وَابْنُ جَمَّازٍ وَرَوْحٌ، وَقَدِ انْفَرَدَ مِهْرَانُ، عَنْ رَوْحٍ بِالِاخْتِلَاسِ، فَخَالَفَ سَائِرَ النَّاسِ، فَيَكُونُ لِلسُّوسِيِّ وَجْهَانِ، وَهُمَا الْإِسْكَانُ وَالْإِشْبَاعُ، وَلِكُلٍّ مِنْ قَالُونَ، وَابْنِ وَرْدَانَ، وَرُوَيْسٍ وَجْهَانِ، وَهُمَا الِاخْتِلَاسُ وَالْإِشْبَاعُ‏.‏

وَسَكَّنَ الْهَاءَ مِنْ يَرَهُ فِي الْبَلَدِ الدَّاجُونِيُّ، عَنْ هِشَامٍ‏.‏ وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ، عَنِ ابْنِ عَبْدَانَ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي اخْتِلَاسِهِ عَنْ يَعْقُوبَ وَابْنِ وَرْدَانَ‏:‏ فَأَمَّا يَعْقُوبُ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ عَنْ رُوَيْسٍ عَنْهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَرَوَى هِبَةُ اللَّهِ عَنِ الْمُعَدَّلِ، عَنْ رَوْحٍ اخْتِلَاسَهُمَا، وَهُوَ الْقِيَاسُ عَنْ يَعْقُوبَ، وَرَوَى الْجُمْهُورُ عَنْهُ الْإِشْبَاعَ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ، قَرَأْنَا بِهِمَا وَبِهِمَا نَأْخُذُ، وَأَمَّا ابْنُ وَرْدَانَ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ مِنْ طُرُقِهِ، وَابْنُ الْعَلَّافِ عَنِ ابْنِ شَبِيبٍ وَابْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْفَضْلِ، كُلُّهُمْ عَنْ أَصْحَابِهِمْ عَنْهُ، وَبِهِ قَرَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْخَبَّازِيُّ عَلَى زَيْدٍ فِي الْخَتْمَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَوَى عَنْهُ الصِّلَةَ النَّهْرَوَانِيُّ، وَالْوَرَّاقُ، وَابْنُ مِهْرَانَ، عَنْ أَصْحَابِهِمْ، وَبِهِ قَرَأَ الْخَبَّازِيُّ فِي الْأُولَى، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ، وَسَكَّنَ الْهَاءَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ إِذَا زُلْزِلَتْ هِشَامٌ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْكَارَزِينِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ أَنَّهُ أَشْبَعَهَا، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ ابْنُ وَرْدَانَ، فَرَوَى عَنْهُ النَّهْرَوَانِيُّ الْإِسْكَانَ فِيهِمَا، وَرَوَى عَنْهُ الْإِشْبَاعَ ابْنُ مِهْرَانَ، وَالْوَرَّاقُ، وَالْخَبَّازِيُّ فِيمَا قَرَأَهُ فِي الْخَتْمَةِ الْأُولَى‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ بَاقِي أَصْحَابِهِ، فَيَكُونُ لَهُ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنْ يَعْقُوبَ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ فِيهِمَا أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَذَلِكَ قِيَاسُ مَذْهَبِهِ‏.‏ وَرَوَى الصِّلَةَ عَنْهُ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي مُبْهِجِهِ، وَأَبُو الْعَلَاءِ فِي غَايَتِهِ، مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِمَا، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ وَغَيْرُهُمْ‏.‏ وَرَوَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بِالْخِلَافِ، عَنْ رُوَيْسٍ فَقَطْ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ، وَخَصَّ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا رَوْحًا بِالِاخْتِلَاسِ، وَرُوَيْسًا بِالصِّلَةِ، وَكِلَّا الْوَجْهَيْنِ صَحِيحٌ عَنْ يَعْقُوبَ‏.‏

وَقَرَأَ أَرْجِئْهُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ عَامِرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَرَوَى عَنْهُ كَذَلِكَ أَبُو حَمْدُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ‏.‏ وَكَذَلِكَ رَوَى نِفْطَوَيْهِ، عَنِ الصَّرِيفِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى فِيمَا قَالَهُ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَانْفَرَدَ الشَّذَائِيُّ بِذَلِكَ، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ‏.‏ وَضَمَّ الْهَاءَ مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ أَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ وَالدَّاجُونِيُّ، عَنْ هِشَامٍ وَأَبُو حَمْدُونَ، وَنِفْطَوَيْهِ، عَنِ الصَّرِيفِينِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ الشَّذَائِيُّ، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَضَمَّهَا مَعَ الصِّلَةِ ابْنُ كَثِيرٍ وَالْحُلْوَانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، وَأَسْكَنَهَا حَمْزَةُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي حَمْدُونَ وَنِفْطَوَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَسَرَ الْهَاءَ الْبَاقُونَ، وَاخْتَلَسَهَا مِنْهُمْ قَالُونُ، وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ وَرْدَانَ وَابْنِ ذَكْوَانَ، إِلَّا أَنَّهُ بِالْهَمْزَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَانْفَرَدَ عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْخَبَّازِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ الْهُذَلِيُّ بِالْإِشْبَاعِ- يَعْنِي مَعَ الْهَمْزِ- وَأَحْسَبُهُ وَهْمًا؛ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ، وَالْبَاقُونَ مِنْهُمْ بِالْإِشْبَاعِ، وَهُمُ الْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ، وَوَرْشٌ وَابْنُ جَمَّازٍ وَابْنُ وَرْدَانَ مِنْ بَاقِي طُرُقِهِ، فَيَكُونُ فِيهِ سِتُّ قِرَاءَاتٍ سِوَى انْفِرَادِ الْخَبَّازِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَاخْتَلَسَ كَسْرَ الْهَاءِ مِنْ بِيَدِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ رُوَيْسٌ، وَأَشْبَعَهَا الْبَاقُونَ‏.‏ وَاخْتُلِفَ، عَنْ قَالُونَ وَابْنِ وَرْدَانَ فِي اخْتِلَاسِ كَسْرَةِ الْهَاءِ مِنْ تُرْزَقَانِهِ فَأَمَّا قَالُونُ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ فِي كِفَايَتِهِ، وَأَبُو الْعَلَاءِ فِي غَايَتِهِ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَرَوَاهُ فِي الْمُسْتَنِيرِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْعَطَّارِ مِنْ طَرِيقِ الْفَرْضِيِّ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَالطَّبَرِيِّ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَرَوَاهُ فِي الْمُبْهِجِ مِنْ طَرِيقِ الشَّذَائِيِّ، عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَرَوَاهُ فِي التَّجْرِيدِ، عَنْ قَالُونَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَالْحُلْوَانِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ الصِّلَةَ سَائِرُ الرُّوَاةِ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَذْكُرِ الْمَغَارِبَةُ سِوَاهُ‏.‏ وَأَمَّا ابْنُ وَرْدَانَ فَرَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الرَّازِيُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ فِي إِرْشَادَيْهِ، وَرَوَى عَنْهُ سَائِرُ الرُّوَاةِ الْإِشْبَاعَ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ، وَبَقِيَ مِنَ الْمُتَحَرِّكِ الَّذِي قَبْلَهُ مُتَحَرِّكٌ حَرْفٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ وَانْفَرَدَ أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ عَنِ الْفَرْضِيِّ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، عَنْ قَالُونَ فِيمَا حَكَاهُ الْهَمْدَانِيُّ عَنْهُ بِاخْتِلَاسِ ضَمَّةِ الْهَاءِ- يَعْنِي حَالَةَ الْوَصْلِ بِالْبَسْمَلَةِ- إِذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ سَوَّارٍ عَنِ الْفَرْضِيِّ، وَسَائِرُ الرُّوَاةِ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ عَلَى الصِّلَةِ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ‏.‏

وَأَمَّا مَا خَرَجَ مِمَّا قَبْلُهُ مُتَحَرِّكٌ، وَهُوَ قَبْلُ سَاكِنٍ، فَحَرْفَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَهُوَ ‏{‏يَأْتِيكُمْ بِهِ‏}‏، ‏{‏انْظُرْ كَيْفَ‏}‏ فِي الْأَنْعَامِ ‏{‏وَلِأَهْلِهِ امْكُثُوا‏}‏ فِي طه وَالْقَصَصِ فَضَمَّ الْهَاءَ مِنْ ‏{‏بِهِ انْظُرُوا‏}‏ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ وَرْشٍ وَكَسَرَهَا الْبَاقُونَ، وَضَمَّ الْهَاءَ مِنْ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا حَمْزَةُ، وَكَسَرَهَا الْبَاقُونَ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِمَّا قَبْلُهُ سَاكِنٌ وَهُوَ قَبْلَ سَاكِنٍ، فَحَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عَنْهُ تَّلَهَّى فِي رِوَايَةِ الْبَزِّيِّ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ مِنْ ‏{‏تَلَهَّى‏}‏ فَإِنَّهُ يُثْبِتُهُ وَاوَ الصِّلَةِ بَعْدَ الْهَاءِ قَبْلَ التَّاءِ، وَكَذَلِكَ يُمَدُّ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَدِّ مُبَيَّنًا، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابُ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ

‏[‏سَبَبُ الْمَدِّ‏]‏

وَالْمَدُّ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ زِيَادَةِ مَطٍّ فِي حَرْفِ الْمَدِّ عَلَى الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَقُومُ ذَاتُ حَرْفِ الْمَدِّ دُونَهُ‏.‏

وَالْقَصْرُ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَإِبْقَاءِ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ عَلَى حَالِهِ، المد والقصر وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ حُرُوفِ الْمَدِّ وَهِيَ الْحُرُوفُ الْجَوْفِيَّةُ الْأَلِفُ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا سَاكِنَةً، وَلَا يَكُونُ قَبْلَهَا إِلَّا مَفْتُوحٌ وَالْوَاوُ السَّاكِنَةُ الْمَضْمُومُ مَا قَبْلَهَا وَالْيَاءُ السَّاكِنَةُ الْمَكْسُورُ مَا قَبْلَهَا، وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِسَبَبٍ‏.‏

وَالسَّبَبُ إِمَّا لَفْظِيٌّ، وَإِمَّا مَعْنَوِيٌّ‏.‏

‏[‏فصل في السبب اللفظي‏]‏

فَاللَّفْظِيُّ إِمَّا هَمْزَةٌ وَإِمَّا سَاكِنٌ أَمَّا الْهَمْزَةُ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْلُ نَحْوُ ‏{‏آدَمُ‏}‏، وَ‏{‏رَأَى‏}‏، وَ‏{‏إِيمَانٍ‏}‏، وَ‏{‏خَاطِئِينَ‏}‏، وَ‏{‏أُوتِيَ‏}‏، وَ‏{‏الْمَوْءُودَةُ‏}‏ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بَعْدُ، وَهِيَ فِي ذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُسَمَّى مُتَّصِلًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ آخِرَ كَلِمَةٍ، وَالْهَمْزَةُ أَوَّلَ كَلِمَةٍ أُخْرَى، وَيُسَمَّى مُنْفَصِلًا‏.‏ فَمَا كَانَ الْهَمْزُ فِيهِ مُتَقَدِّمًا سَيُفْرَدُ بِالْكَلَامِ بَعْدُ‏.‏ الْمُتَّصِلُ نَحْوُ ‏{‏أُولَئِكَ‏}‏، ‏{‏أَوْلِيَاءَ‏}‏، ‏{‏يَشَاءُ اللَّهُ‏}‏، وَ‏{‏السُّوأَى‏}‏، وَ‏{‏مِنْ سُوءٍ‏}‏، وَ‏{‏لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ‏}‏، وَ‏{‏يُضِيءُ‏}‏، وَ‏{‏سِيئَتْ‏}‏ وَنَحْوُ ‏{‏بُيُوتَ النَّبِيءِ‏}‏ فِي قِرَاءَةِ مَنْ هَمَزَ، وَالْمُنْفَصِلُ نَحْوُ ‏{‏بِمَا أَنْزَلَ‏}‏، ‏{‏يَا أَيُّهَا‏}‏، ‏{‏قَالُوا آمَنَّا‏}‏، ‏{‏أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ‏}‏ وَنَحْوُ ‏{‏عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ‏}‏، ‏{‏لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ‏}‏، ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتْ‏}‏ عِنْدَ مَنْ وَصَلَ الْمِيمَ، أَوْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ ‏{‏فِي أَنْفُسِكُمْ‏}‏، وَ‏{‏بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ‏}‏، وَنَحْوُ ‏{‏اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ‏}‏ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَ الْيَاءَ، وَسَوَاءٌ كَانَ حَرْفُ الْمَدِّ ثَابِتًا رَسْمًا، أَمْ سَاقِطًا مِنْهُ ثَابِتًا لَفْظًا كَمَا مَثَّلْنَا بِهِ، وَوَجْهُ الْمَدِّ لِأَجْلِ الْهَمْزَةِ أَنَّ حَرْفَ الْمَدِّ خَفِيٌّ، وَالْهَمْزُ صَعْبٌ، فَزِيدَ فِي الْخَفِيِّ لِيُتَمَكَّنَ مِنَ النُّطْقِ بِالصَّعْبِ، وَأَمَّا السَّاكِنُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَازِمًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَارِضًا، وَهُوَ فِي قِسْمَيْهِ إِمَّا مُدْغَمٌ، أَوْ غَيْرُ مُدْغَمٍ، فَالسَّاكِنُ اللَّازِمُ الْمُدْغَمُ نَحْوُ‏:‏ ‏{‏الضَّالِّينَ‏}‏، ‏{‏دَابَّةٍ‏}‏، ‏{‏آلذَّكَرَيْنِ‏}‏ عِنْدَ مَنْ أَبْدَلَ وَاللَّذَانِّ، وَهَذَانِّ عِنْدَ مَنْ شَدَّدَ، وَ‏{‏تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ‏}‏، وَأَتَعِدَانِّي عِنْدَ مَنْ أَدْغَمَ، وَنَحْوُ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا عِنْدَ حَمْزَةَ، وَنَحْوُ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا عِنْدَ مَنْ أَدْغَمَ، عَنْ خَلَّادٍ، وَنَحْوُ ‏{‏فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ‏}‏ عِنْدَ رُوَيْسٍ، وَنَحْوُ وَ‏{‏الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ‏}‏ عِنْدَ مَنْ أَدْغَمَهُ عَنْ رُوَيْسٍ، وَنَحْوُ وَلَا تَّيَمَّمُوا، وَلَا تَّعَاوَنُوا، وَعَنْهُ تَّلَهَّى، وَكُنْتُمْ تَّمَنَّوْنَ، وَفَظَلْتُمْ تَّفَكَّهُونَ عِنْدَ الْبَزِّيِّ، وَالسَّاكِنُ الْعَارِضُ الْمُدْغَمُ نَحْوُ قَالَ لَهُمْ، قَالَ رَبُّكُمْ، يَقُولُ لَهُ، فِيهِ هُدًى، وَيُرِيدُ ظُلْمًا، فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ، وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا عِنْدَ أَبِي عَمْرٍو إِذَا أَدْغَمَ، وَالسَّاكِنُ اللَّازِمُ غَيْرُ الْمُدْغَمِ نَحْوُ لَامٌ‏.‏ مِيمٌ‏.‏ صَادٌ‏.‏ نُونٌ مِنْ فَوَاتِحِ السُّوَرِ نَحْوُ وَمَحْيَايْ فِي قِرَاءَةِ مَنْ سَكَّنَ الْيَاءَ، وَنَحْوُ اللَّايْ فِي قِرَاءَةِ مَنْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ يَاءً سَاكِنَةً، وَنَحْوُ آنْذَرْتَهُمْ، آشْفَقْتُمْ عِنْدَ مَنْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ أَلِفًا، وَنَحْوَ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ، وَجَا أَمْرُنَا عِنْدَ مَنْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ الْمَفْتُوحَةَ أَلِفًا وَالْمَكْسُورَةَ يَاءً، وَالسَّاكِنُ الْعَارِضُ غَيْرُ الْمُدْغَمِ نَحْوُ الرَّحْمَنُ، وَالْمِهَادُ، وَالْعِبَادِ، وَالدِّينِ، وَنَسْتَعِينُ، وَيُوقِنُونَ، وَلَكَفُورٌ وَنَحْوُ بِيرٍ، وَالذِّيبُ، وَالضَّانِ عِنْدَ مَنْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ، وَذَلِكَ حَالَةُ الْوَقْفِ بِالسُّكُونِ، أَوْ بِالْإِشْمَامِ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ، وَوَجْهُ الْمَدِّ السَّاكِنِ الْمُتَمَكِّنِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَكَأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ حَرَكَةٍ‏.‏ وَقَدْ أَجْمَعَ الْأَئِمَّةُ عَلَى مَدِّ نَوْعَيِ الْمُتَّصِلِ وَذِي السَّاكِنِ اللَّازِمِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ آرَاءُ أَهْلِ الْأَدَاءِ، أَوْ آرَاءُ بَعْضِهِمْ فِي قَدْرِ ذَلِكَ الْمَدِّ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا وَلَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَصْرُ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَدِّ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَهُمَا الْمُنْفَصِلُ وَذُو السَّاكِنِ الْعَارِضِ وَفِي قَصْرِهِمَا، وَالْقَائِلُونَ بِمَدِّهَا اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قَدْرِ ذَلِكَ الْمَدِّ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ‏.‏ فَأَمَّا الْمُتَّصِلُ فَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنْهُمْ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمَغَارِبَةِ عَلَى مَدِّهِ قَدْرًا وَاحِدًا مُشْبَعًا مِنْ غَيْرِ إِفْحَاشٍ وَلَا خُرُوجٍ عَنْ مِنْهَاجِ الْعَرَبِيَّةِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ شَيْطَا، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، حَتَّى بَالَغَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيِّ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ رَادًّا عَلَى أَبِي نَصْرٍ الْعِرَاقِيِّ، حَيْثُ ذَكَرَ تَفَاوُتَ الْمَرَاتِبِ فِي مَدِّهِ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ‏:‏ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مَدِّ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ كَالِاخْتِلَافِ فِي مَدِّ كَلِمَتَيْنِ، قَالَ‏:‏ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَطَالَمَا مَارَسْتُ الْكُتُبَ وَالْعُلَمَاءَ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَجْعَلُ مَدَّ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَدِّ الْكَلِمَتَيْنِ إِلَّا الْعِرَاقِيَّ، بَلْ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَلَمَّا وَقَفَ أَبُو شَامَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- عَلَى كَلَامِ الْهُذَلِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- ظَنَّ أَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ فِي الْمُتَّصِلِ قَصْرًا، فَقَالَ فِي شَرْحِهِ‏:‏ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى فِيهِ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي كَلِمَتَيْنِ، ثُمَّ نَقَلَ ذَلِكَ، عَنْ حِكَايَةِ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْعِرَاقِيِّ‏.‏ وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقْصِدْهُ الْهُذَلِيُّ وَلَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ التَّفَاوُتَ فِي مَدِّهِ فَقَطْ، وَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامَهُ فِي كِتَابِهِ الْإِشَارَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ وَكَلَامَ ابْنِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي مُخْتَصَرِهَا الْبِشَارَةُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرَ مَرَاتِبَ الْمَدِّ فِي الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ ثَلَاثَةً‏:‏ طُولِيٌّ، وَوَسَطِيٌّ، وَدُونَ ذَلِكَ‏.‏ ثُمَّ ذَكَرَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ كَلِمَةٍ فَيُمَدُّ وَمَا هُوَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَيُقْصَرُ، قَالَ‏:‏ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِجَازِ غَيْرَ وَرْشٍ وَسَهْلٍ وَيَعْقُوبَ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَهَذَا نَصٌّ فِيمَا قُلْنَاهُ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَقَدَ أَنَّ قَصْرَ الْمُتَّصِلِ جَائِزٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ فِي قِرَاءَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا شَاذَّةٍ، بَلْ رَأَيْتُ النَّصَّ بِمَدِّهِ؛ وَرَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّالِحِيُّ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَشَافَهَنِي بِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْكَرَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّايِغُ الْمَكِّيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ قَالَ‏:‏ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُقْرِئُ رَجُلًا، فَقَرَأَ الرَّجُلُ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ مُرْسَلَةً، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ مَا هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ كَيْفَ أَقْرَأَكَهَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَقْرَأَنِيهَا إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَمَدُّوهَا‏.‏

هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ حُجَّةٌ وَنَصٌّ فِي هَذَا الْبَابِ، رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ‏.‏ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ، وَذَهَبَ الْآخَرُونَ مَعَ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ آنِفًا إِلَى تَفَاضُلِ مَرَاتِبِ الْمَدِّ فِيهِ كَتَفَاضُلِهَا عِنْدَهُمْ فِي الْمُنْفَصِلِ، وَاخْتَلَفُوا عَلَى كَمْ مَرْتَبَةٍ هُوَ‏؟‏ فَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ بَلِّيمَةَ وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَاذِشِ، وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ‏:‏ إِشْبَاعٌ، ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ دُونَهُ، ثُمَّ دُونَهُ، وَلَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ إِلَّا الْقَصْرُ، وَهُوَ تَرْكُ الْمَدِّ الْعَرَضِيِّ‏.‏ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّيْسِيرِ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَرْتَبَةً أُخْرَى، وَأَقْرَأَنِي بِذَلِكَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَمَلًا بِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ، بَلْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ طُرُقِهِ إِلَّا بِأَرْبَعِ مَرَاتِبَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ فِي غَيْرِهِ، فَقَالَ فِي الْمُفْرَدَاتِ مِنْ تَأْلِيفِهِ‏:‏ إِنَّهُ قَرَأَ لِلسُّوسِيِّ وَابْنِ كَثِيرٍ بِقَصْرِ الْمُنْفَصِلِ وَبِمَدٍّ مُتَوَسِّطٍ فِي الْمُتَّصِلِ، وَإِنَّهُ قَرَأَ عَنِ الدُّورِيِّ وَقَالُونَ عَلَى جَمِيعِ شُيُوخِهِ بِمَدٍّ مُتَوَسِّطٍ فِي الْمُتَّصِلِ، لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَنْهُمَا فِي الْمُنْفَصِلِ، وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِهِ وَزَادَ فِي الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ جَمِيعًا مَرْتَبَةً خَامِسَةً، هِيَ أَطْوَلُ مِنَ الْأُولَى لِمَنْ سَكَتَ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَ الْهَمْزَةِ، وَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ طَرِيقِ الشَّمُونِيِّ، عَنِ الْأَعْشَى، عَنْهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ حَفْصٍ طَرِيقِ الْأُشْنَانِيِّ، عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْهُ، وَمِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ خَلَّادٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَمِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ إِذَا مَدُّوا الْمَدَّ الْمُشْبَعَ عَلَى قَدْرِ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى يُرِيدُونَ التَّمْكِينَ الَّذِي هُوَ قَدْرُ السَّكْتِ، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ تَجْرِي لِكُلِّ مَنْ رَوَى السَّكْتَ عَلَى الْمَدِّ، وَأَشْبَعَ الْمَدَّ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ فِي الْبَسِيطِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ وَأَبُو نَصْرٍ الْعِرَاقِيُّ، وَابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَأَبُو الْفَخْرِ الْجَاجَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ مَرَاتِبَهُ ثَلَاثَةٌ‏:‏ وُسْطَى، وَفَوْقَهَا، وَدُونَهَا‏.‏ فَأَسْقَطُوا الْمَرْتَبَةَ الْعُلْيَا حَتَّى قَدَّرَهُ ابْنُ مِهْرَانَ بِأَلِفَيْنِ، ثُمَّ بِثَلَاثَةٍ، ثُمَّ بِأَرْبَعَةٍ‏.‏ وَذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَسُّوسِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ بْنُ خَلَفٍ إِلَى أَنَّهُ عَلَى مَرْتَبَتَيْنِ‏:‏ طُولَى، وَوُسْطَى، فَأَسْقَطُوا الدُّنْيَا وَمَا فَوْقَ الْوُسْطَى، وَسَيَأْتِي تَعْيِينُ قَدْرِ الْمَرْتَبَةِ فِي الْمُنْفَصِلِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ خَلَفٍ، عَنْ سُلَيْمٍ قَالَ‏:‏ أَطْوَلُ الْمَدِّ عِنْدَ حَمْزَةَ الْمَفْتُوحُ نَحْوُ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ، وَجَاءَ أَحَدَهُمْ، وَيَا أَيُّهَا قَالَ‏:‏ وَالْمَدُّ الَّذِي دُونَ ذَلِكَ خَائِفِينَ، وَالْمَلَائِكَةُ‏.‏ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ‏:‏ وَأَقْصَرُ الْمَدِّ أُولَئِكَ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، بَلِ الْمَأْخُوذُ بِهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ خِلَافُهُ؛ إِذِ النَّظَرُ يَرُدُّهُ، وَالْقِيَاسُ يَأْبَاهُ، وَالنَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ يُخَالِفُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أُولَئِكَ وَخَائِفِينَ فَإِنَّ الْهَمْزَةَ فِيهَا بَعْدَ الْأَلِفِ مَكْسُورَةٌ‏.‏

‏[‏الْقَوْلُ عَلَى الْمَدِّ اللَّازِمِ فِي قِسْمَيْهِ‏]‏

وَأَمَّا الْمَدُّ لِلسَّاكِنِ اللَّازِمِ فِي قِسْمَيْهِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْمَدُّ اللَّازِمُ إِمَّا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفٍ مُضَافٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ يَلْزَمُ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ عَلَى قَدْرٍ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا‏:‏ مَدُّ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ يَعْدِلُ حَرَكَةً‏.‏ فَإِنَّ الْقُرَّاءَ يُجْمِعُونَ عَلَى مَدِّهِ مُشْبَعًا قَدْرًا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ، لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا سَلَفًا وَلَا خَلَفًا، إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْفَخْرِ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسْنَوَيْهِ الْجَاجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ حِلْيَةُ الْقُرَّاءِ نَصًّا، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مِهْرَانَ حَيْثُ قَالَ‏:‏ وَالْقُرَّاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي مِقْدَارِهِ، فَالْمُحَقِّقُونَ يَمُدُّونَ عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَلِفَاتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُدُّ عَلَى قَدْرِ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ، وَالْحَادِرُونَ يَمُدُّونَ عَلَيْهِ قَدْرَ أَلِفَيْنِ، إِحْدَاهُمَا الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْمُحَرَّكِ وَالثَّانِيَةُ الْمَدَّةُ الَّتِي أُدْخِلَتْ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ لِتَعْدِلَ، ثُمَّ قَالَ الْجَاجَانِيُّ‏:‏ وَعَلَيْهِ- يَعْنِي وَعَلَى الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا- قَوْلُ أَبِي مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيِّ فِي قَصِيدَتِهِ‏:‏

وَإِنْ حَرْفُ مَدٍّ كَانَ مِنْ قَبْلِ مُدْغَمٍ *** كَآخِرِ مَا فِي الْحَمْدِ فَامْدُدْهُ وَاسْتَجْرِ

مَدَدْتَ لِأَنَّ السَّاكِنَيْنِ تَلَاقَيَا *** فَصَارَ كَتَحْرِيكِ كَذَا قَالَ ذُو الْخَبَرِ

قُلْتُ‏:‏ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ أَيْضًا أَنَّ الْمَرَاتِبَ تَتَفَاوَتُ كَتَفَاوُتِهَا فِي الْمُتَّصِلِ، وَفَحْوَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ بَلِّيمَةَ فِي تَلْخِيصِهِ تُعْطِيهِ، وَالْآخِذُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِالْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهِ‏.‏ نَعَمْ، اخْتَلَفَتْ آرَاءُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِي تَعْيِينِ هَذَا الْقَدْرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، فَالْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ الْإِشْبَاعُ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى إِطْلَاقِ تَمْكِينِ الْمَدِّ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ دُونَ مَا مُدَّ لِلْهَمْزِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْأُسْتَاذُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ بِقَوْلِهِ‏:‏

وَالْمَدُّ مِنْ قَبْلِ الْمُسَكَّنِ دُونَ مَا *** قَدْ مُدَّ لِلْهَمَزَاتِ بِاسْتِيقَانِ

يَعْنِي أَنَّهُ دُونَ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ وَفَوْقَ التَّوَسُّطِ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَرِيبٌ‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي تَفَاضُلِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ، فَذَهَبَ كَثِيرٌ إِلَى أَنَّ مَدَّ الْمُدْغَمِ مِنْهُ أَشْبَعُ تَمْكِينًا مِنَ الْمُظْهَرِ مِنْ أَجْلِ الْإِدْغَامِ، لِاتِّصَالِ الصَّوْتِ فِيهِ وَانْقِطَاعِهِ فِي الْمُظْهَرِ، فَعَلَى هَذَا يُزَادُ إِشْبَاعُ لَامٍ عَلَى إِشْبَاعِ مِيمٍ مِنْ أَجْلِ الْإِدْغَامِ، وَكَذَلِكَ دَابَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَحْيَايْ عِنْدَ مَنْ أَسْكَنَ، وَيَنْقُصُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ صَادْ ذِكْرُ، وَسِينْ مِيمْ نُونْ وَالْقَلَمِ عِنْدَ مَنْ أَظْهَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ أَدْغَمَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ‏.‏ وَمَذْهَبُ ابْنِ مُجَاهِدٍ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِيُّ، وَمَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَيْحٍ، وَقَبِلَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَجَوَّدَهُ، وَقَالَ‏:‏ بِهِ كَانَ يَقُولُ شَيْخُنَا الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ، يَعْنِي الْأَنْطَاكِيَّ، وَقَالَ‏:‏ وَإِيَّاهُ كَانَ يَخْتَارُ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الْمَدَّ فِي غَيْرِ الْمُدْغَمِ فَوْقَ الْمُدْغَمِ، وَقَالَ؛ لِأَنَّ الْمُدْغَمَ يَتَحَصَّنُ وَيَقْوَى بِالْحَرْفِ الْمُدْغَمِ فِيهِ بِحَرَكَتِهِ‏.‏ فَكَأَنَّ الْحَرَكَةَ فِي الْمُدْغَمِ فِيهِ حَاصِلَةٌ فِي الْمُدْغَمِ، فَقَوِيَ بِتِلْكَ الْحَرَكَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِدْغَامُ يُخْفِي الْحَرْفَ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَدِّ الْمُدْغِمِ وَالْمُظْهِرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ إِذِ الْمُوجِبُ لِلْمَدِّ هُوَ الْتِقَاءُ السَّاكِنَيْنِ، وَالْتِقَاؤُهُمَا مَوْجُودٌ، فَلَا مَعْنًى لِلتَّفْصِيلِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْعِرَاقِيِّينَ قَاطِبَةً، وَلَا يُعْرَفُ نَصٌّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مُؤَلِّفِيهِمْ بِاخْتِيَارِ خِلَافِهِ، قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا، وَبِهِ قَرَأْتُ عَلَى أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا الْبَغْدَادِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ، قَالَ‏:‏ وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ- يَعْنِي الْأُذْفُوِيَّ، وَعَلِيُّ بْنُ بِشْرٍ- يَعْنِي الْأَنْطَاكِيَّ- نَزِيلُ الْأَنْدَلُسِ‏.‏

‏[‏الْقَوْلُ عَلَى الْمَدِّ الْمُنْفَصِلِ‏]‏

وَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا‏:‏ مَدُّ الْبَسْطِ؛ لِأَنَّهُ يَبْسُطُ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ، وَيُقَالُ‏:‏ مَدُّ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ، وَيُقَالُ لَهُ‏:‏ الِاعْتِبَارُ؛ لِاعْتِبَارِ الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ كَلِمَةٍ، وَيُقَالُ‏:‏ مَدُّ حَرْفٍ لِحَرْفٍ، أَيْ‏:‏ مَدُّ كَلِمَةٍ لِكَلِمَةٍ، يُقَالُ‏:‏ الْمَدُّ الْجَائِزُ مِنْ أَجْلِ الْخِلَافِ فِي مَدِّهِ وَقِصَرِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ فِي مِقْدَارِ مَدِّهِ اخْتِلَافًا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ وَلَا يَصِحُّ جَمْعُهُ‏.‏ فَقَلَّ مَنْ ذَكَرَ مَرْتَبَةً لِقَارِئٍ إِلَّا وَذَكَرَ غَيْرَهُ لِذَلِكَ الْقَارِئِ مَا فَوْقَهَا أَوْ مَا دُونَهَا، وَهَا أَنَا أَذْكُرُ مَا جَنَحُوا إِلَيْهِ، وَأُثْبِتُ مَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ مِنْ ذَلِكَ‏.‏ فَأَمَّا ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَالطَّرَسُوسِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ بْنُ خَلَفٍ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي طَاهِرِ بْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ فَارِسٍ، وَابْنِ خَيْرُونَ، وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مِنْ سِوَى الْقَصْرِ غَيْرَ مَرْتَبَتَيْنِ، طُولَى وَوُسْطَى، وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ الصَّقَلِّيُّ مَرَاتِبَ غَيْرَ الْقَصْرِ، وَهِيَ الْمُتَوَسِّطُ، وَفَوْقَهُ قَلِيلًا، وَفَوْقَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَيْنَ التَّوَسُّطِ وَالْقَصْرِ، وَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ أَنَّهَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ، إِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ الْعُلْيَا، فَذَكَرَ مَا فَوْقَ الْقَصْرِ وَفَوْقَهُ، وَهُوَ التَّوَسُّطُ وَفَوْقَهُ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ مِهْرَانَ، وَالْعِرَاقِيُّ، وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ شَيْطَا، وَلَكِنَّهُ أَسْقَطَ مَا دُونَ الْعُلْيَا، فَذَكَرَ الْقَصْرَ، وَفَوْقَهُ التَّوَسُّطُ وَالطُّولَى، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ ذَكَرَ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ سِوَى الْقَصْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهَا، وَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي تَيْسِيرِهِ، وَمَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ، وَصَاحِبُ الْكَافِي، وَالْهَادِي وَالْهِدَايَةِ وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَأَكْثَرُ الْمَغَارِبَةِ، وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي مُبْهَجِهِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْمَالِكِيُّ فِي رَوْضَتِهِ، وَبَعْضُ الْمَشَارِقَةِ- أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ، وَهِيَ‏:‏ مَا فَوْقَ الْقَصْرِ، وَفَوْقَهُ وَهُوَ التَّوَسُّطُ، وَفَوْقَهُ، وَالْإِشْبَاعُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْقَصْرَ الْمَحْضَ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُهُ الْهُذَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَكَرَهَا الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ خَمْسَ مَرَاتِبَ سِوَى الْقَصْرِ، فَزَادَ مَرْتَبَةً سَادِسَةً فَوْقَ الطُّولَى الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّيْسِيرِ‏.‏ وَكَذَا ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ فِي غَايَتِهِ وَتَبِعَهُمَا فِي ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ، وَزَادَ مَرْتَبَةً سَابِعَةً، وَهِيَ إِفْرَاطٌ وَقَدْرُهَا سِتُّ أَلِفَاتٍ، وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ، عَنْ وَرْشٍ وَعَزَا ذَلِكَ إِلَى ابْنِ نَفِيسٍ، وَابْنِ سُفْيَانَ وَابْنِ غَلْبُونَ، وَالْحَدَّادِ- يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَمْرٍو- وَقَدْ وَهِمَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَصْرَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَاتَّفَقَ هُوَ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَصْرُ الْمُنْفَصِلِ أَلْبَتَّةَ، وَأَنَّهُ عِنْدَهُمَا كَالْمُتَّصِلِ فِي التَّيْسِيرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَزَادَ أَبُو الْأَهْوَازِيِّ مَرْتَبَةً ثَامِنَةً دُونَ الْقَصْرِ وَهِيَ الْبَتْرُ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ وَالْهَاشِمِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْقَوَّاسِ، عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ فِي جَمِيعِ مَا كَانَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ، قَالَ‏:‏ وَالْبَتْرُ هُوَ حَذْفُ الْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ مِنْ سَائِرِهِنَّ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَاسْتَثْنَى الْحُلْوَانِيُّ عَنِ الْقَوَّاسِ الْأَلِفَ وَمَدَّهَا مَدًّا وَسَطًا فِي ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ لَا غَيْرَ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ يَا آدَمُ حَيْثُ كَانَ، وَيَا أُخْتَ هَارُونَ وَيَا أَيُّهَا حَيْثُ كَانَ، وَبَاقِي الْبَابِ بِالْبَتْرِ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ اسْتِثْنَاءُ الْحُلْوَانِيِّ هَذِهِ الْكَلِمَ لَيْسَ لِكَوْنِهَا مُنْفَصِلَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الْحُلْوَانِيُّ يَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مِنَ الْمُتَّصِلِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا اتَّصَلَتْ رَسْمًا، فَمَثَّلَ فِي جَامِعِهِ الْمُتَّصِلَ بِـ السَّمَاءِ، وَمَاءً، وَنِدَاءً، وَيَا أُخْتَ، وَيَا أَيُّهَا، وَيَا آدَمُ قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ وَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَلَيْسَ الْبَتْرُ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْأَهْوَازِيُّ فَقَطْ، حَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْقَوَّاسِ، عَنِ الْخُزَاعِيِّ عَنِ الْهَاشِمِيِّ عَنْهُ، وَعَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَمِنْ رِوَايَةِ قُنْبُلٍ، عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ، عَنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ وَهَكَذَا مَكْرُوهٌ قَبِيحٌ، لَا عَمَلَ عَلَيْهِ، وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ؛ إِذْ هُوَ لَحْنٌ لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ وَلَا تَحِلُّ الْقِرَاءَةُ بِهِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَلَعَلَّهُم أَرَادُوا حَذْفَ الزِّيَادَةِ لِحَرْفِ الْمَدِّ وَإِسْقَاطَهَا، فَعَبَّرُوا عَنْ ذَلِكَ بِحَذْفِ حَرْفِ الْمَدِّ وَإِسْقَاطِهِ مَجَازًا‏.‏

‏[‏مَرَاتِبُ الْمُدُودِ‏]‏

قَلْتُ‏:‏ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا حَذْفَ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ قَوْلُ الْحُلْوَانِيِّ فِيمَا رَوَاهُ الْأَهْوَازِيُّ، عَنْهُ، عَنِ الْقَوَّاسِ حَيْثُ اسْتَثْنَى الْكَلِمَ الثَّلَاثَ وَمَدَّهَا مَدًّا وَسَطًا كَمَا قَدَّمْنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَهَا أَنَا أَذْكُرُ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ عَلَى التَّعْيِينِ وَمَذَاهِبَ أَهْلِ الْأَدَاءِ فِيهَا لِكُلٍّ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ وَرُوَاتِهِمْ، مُنَبِّهًا عَلَى الْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَذْكُرُ النُّصُوصَ لِيَأْخُذَ الْمُتْقِنُ بِمَا هُوَ أَقْرَبُ، وَيَرْجِعَ عَنِ التَّقْلِيدِ إِلَى الْأَصْوَبِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ‏.‏

‏[‏الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى قَصْرُ الْمُنْفَصِلِ‏]‏

فَالْمَرْتَبَةُ الْأُولَى قَصْرُ الْمُنْفَصِلِ، وَهِيَ حَذْفُ الْمَدِّ الْعَرَضِيِّ، وَإِبْقَاءُ ذَاتِ حَرْفِ الْمَدِّ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَذَلِكَ هُوَ الْقَصْرُ الْمَحْضُ، وَهِيَ لِأَبِي جَعْفَرٍ وَابْنِ كَثِيرٍ بِكَمَالِهَا مِنْ جَمِيعِ مَا عَلِمْنَاهُ وَرُوِّينَاهُ مِنَ الْكُتُبِ وَالطُّرُقِ، حَسْبَمَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُنَا سِوَى تَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَكَامِلٍ الْهُذَلِيِّ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُمَا تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ لَهُ عَلَى الْقَصْرِ الْمَحْضِ، كَمَا سَيَأْتِي نَصُّهُمَا، وَاخْتُلِفَ، عَنْ قَالُونَ وَالْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ وَرْشٍ، وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيْهِ، وَعَنْ يَعْقُوبَ، وَعَنْ هِشَامٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَعَنْ حَفْصٍ، مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الصَّبَّاحِ، أَمَّا قَالُونُ فَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ وَأَبُو الْعِزِّ فِي إِرْشَادَيْهِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ‏.‏ وَكَذَلِكَ ابْنُ فَارِسٍ فِي جَامِعِهِ، وَالْأَهْوَازِيُّ فِي وَجِيزِهِ، وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي مُبْهِجِهِ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَابْنُ خَيْرُونَ فِي كِفَايَتِهِ، وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ‏.‏ وَكَذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَسُوسِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ بْنُ خَلَفٍ، وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ، وَقَطَعَ لَهُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ ابْنُ الْفَحَّامِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَمَكِّيٌّ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، وَالْمَهْدَوِيُّ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَابْنُ بَلِّيمَةَ فِي تَلْخِيصِهِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ كَابْنَيْ غَلْبُونَ وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ، وَأَمَّا الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ وَرْشٍ فَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ مِنَ الْمَشَارِقَةِ وَالْمَغَارِبَةِ، كَابْنِ مُجَاهِدٍ، وَابْنِ مِهْرَانَ، وَابْنِ سَوَّارٍ وَصَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَأَبِي الْعِزِّ وَابْنِ فَارِسٍ، وَسِبْطِ الْخَيَّاطِ وَالدَّانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِعْلَانِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا تَخْيِيرًا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَصْرَ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ مِنْ رِوَايَتَيْهِ ابْنُ مِهْرَانَ، وَابْنُ سَوَّارٍ وَابْنُ فَارِسٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ وَأَبُو الْعِزِّ، وَابْنُ خَيْرُونَ، وَالْأَهْوَازِيُّ، وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخُهُ، وَالْأَكْثَرُونَ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ ابْنِ مُجَاهِدٍ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ، وَفِي جَامِعِ الْبَيَانِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ أَيْضًا، وَفِي التَّجْرِيدِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّذْكَارِ، إِلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِوَجْهِ الْإِدْغَامِ‏.‏ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو الْفَتْحِ بْنُ شَيْطَا، وَالْقَصَّاعُ فِي طُرُقِ التَّجْرِيدِ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا نَعْلَمُ نَصًّا بِخِلَافِهِ، وَهُوَ الَّذِي نَقْرَأُ بِهِ وَنَأْخُذُ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ فَقَطِ ابْنُ سُفْيَانَ وَابْنُ شُرَيْحٍ، وَالْمَهْدَوِيُّ، وَمَكِّيٌّ، وَصَاحِبَا التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَابْنُ بَلِّيمَةَ، وَسَائِرُ الْمَغَارِبَةِ‏.‏ وَكَذَا ابْنَا غَلْبُونَ، وَالْفُرَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِلدُّورِيِّ فِي الْكَافِي وَالْإِعْلَانِ وَالشَّاطِبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ ابْنُ سَوَّارٍ، وَالْمَالِكِيُّ وَابْنُ خَيْرُونَ وَأَبُو الْعِزِّ، وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَكَذَلِكَ الْأَهْوَازِيُّ وَابْنَا غَلْبُونَ، وَصَاحِبَا التَّجْرِيدِ فِي مُفْرَدَتِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّانِيُّ، وَابْنُ شُرَيْحٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَأَمَّا هِشَامٌ فَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدَانَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ، وَقَطَعَ لَهُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ ابْنُ خَيْرُونَ، وَابْنُ سَوَّارٍ، وَالْأَهْوَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ مِهْرَانَ لِهِشَامٍ بِكَمَالِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْوَجِيزِ، وَأَمَّا حَفْصٌ فَقَطَعَ لَهُ بِالْقَصْرِ أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَرْعَانَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ فَارِسٍ فِي جَامِعِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ مِنْ طَرِيقِ الْحَمَّامِيِّ، عَنِ الْوَلِيِّ، عَنْهُ، وَكَذَلِكَ أَبُو الْعِزِّ مِنْ طَرِيقِ الْفِيلِ، عَنْهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ الْفِيلِ‏.‏

‏[‏الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ فَوْقَ الْقَصْرِ قَلِيلًا‏]‏

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ فَوْقَ الْقَصْرِ قَلِيلًا، وَقُدِّرَتْ بِأَلِفَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ بِأَلِفٍ وَنِصْفٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْهُذَلِيِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ شَيْطَا بِزِيَادَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ، وَسَبْطُ الْخَيَّاطِ بِزِيَادَةٍ أَدْنَى وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ بِالتَّمْكِينِ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ، ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ هِيَ فِي الْمُتَّصِلِ لِأَصْحَابِ قَصْرِ الْمُنْفَصِلِ مِثْلِ الدُّورِيِّ، وَالسُّوسِيِّ عِنْدَ مَنْ جَعَلَ مَرَاتِبَ الْمُتَّصِلِ أَرْبَعًا كَصَاحِبِ التَّيْسِيرِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ فِي الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ لِأَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ، وَذَلِكَ قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي الْقَاسِمِ الْفَارِسِيِّ وَلِقَالُونَ بِخِلَافٍ عَنْهُ فِيهِ، وَبِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَهِيَ فِي الْهَادِي وَالْهِدَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَعَامَّةِ كُتُبِ وَالِدِ الْمَغَارِبَةِ لَقَالُونَ، وَرُوِيَ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا فِي الْكَافِي، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَقَرَأْتُ لَهَا بِالْقَصْرِ وَهِيَ فِي الْمُبْهِجِ لِيَعْقُوبَ، وَهِشَامٍ وَحَفْصٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرٍو، وَلِأَبِي عَمْرٍو إِذَا أَظْهَرَ، وَفِي التَّذْكَارِ لِنَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَالْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ وَالْحَمَّامِيِّ، عَنِ الْوَلِيِّ، عَنْ حَفْصٍ وَلِأَبِي عَمْرٍو إِذَا ظَهَرَ، وَفِي الرَّوْضَةِ لِخَلَفٍ، وَفِي اخْتِيَارِهِ، وَلِلْكِسَائِيِّ سِوَى قُتَيْبَةَ، وَفِي غَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ لِأَبِي جَعْفَرٍ وَنَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبَ، وَالْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، وَالْوَلِيِّ، عَنْ حَفْصٍ، وَفِي تَلْخِيصِ الطَّبَرِيِّ لِابْنِ كَثِيرٍ، وَلِنَافِعٍ غَيْرِ وَرْشٍ وَلِلْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، وَلِأَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبَ، وَفِي الْكَامِلِ لَقَالُونَ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَأَبِي نَشِيطٍ، وَلِلسُّوسِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَلِلْحُلْوَانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ- يَعْنِي فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَرْدَانَ- وَلِلْقَوَّاسِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ- يَعْنِي قُنْبُلًا وَأَصْحَابَهُ‏.‏

‏[‏الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ التَّوَسُّطُ عِنْدَ الْجَمِيعِ‏]‏

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ فَوْقَهَا قَلِيلًا، وَهِيَ التَّوَسُّطُ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَقُدِّرَتْ بِثَلَاثِ أَلِفَاتٍ وَقَدَّرَهَا الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَلِفَيْنِ وَنِصْفٍ، وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيْرَائِيِّ الذَّرَّاعِ قَدْرَ أَلِفَيْنِ‏.‏ وَهُوَ مِمَّنْ يَقُولُ‏:‏ إِنَّ الَّتِي قَبْلَهَا قَدْرُ أَلِفٍ وَنِصْفٍ، ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ فِي التَّيْسِيرِ وَالتَّذْكِرَةِ وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ لِابْنِ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيِّ فِي الضَّرْبَيْنِ، وَكَذَا فِي جَامِعِ الْبَيَانِ سِوَى قُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ‏.‏ وَهِيَ عِنْدَ ابْنِ مُجَاهِدٍ لِلْبَاقِينَ سِوَى حَمْزَةَ وَالْأَعْمَشِ، وَسِوَى مَنْ قَصَرَ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَبِي عَمْرٍو مِنْ جِهَةِ الْأَدَاءِ، وَكَذَلِكَ هِيَ لِلْبَاقِينَ سِوَى حَمْزَةَ وَوَرْشٍ، أَيْ‏:‏ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ عِنْدَ مَنْ جَعَلَ الْمَدَّ فِي الضَّرْبَيْنِ مَرْتَبَتَيْنِ‏:‏ طُولَى وَوُسْطَى، كَصَاحِبِ الْعُنْوَانِ وَشَيْخِهِ الطَّرَسُوسِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّاطِبِيِّ‏.‏ وَكَذَلِكَ هِيَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ فِي الْمُتَّصِلِ لِمَنْ قَصَرَ الْمُنْفَصِلَ، وَهِيَ فِيهِمَا عِنْدَ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ لِلْكِسَائِيِّ، وَلِعَاصِمٍ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَلِابْنِ عَامِرٍ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَلِأَبِي نَشِيطٍ، عَنْ قَالُونَ، وَلِلْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ وَرْشٍ، وَلِأَبِي عَمْرٍو بِكَمَالِهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَالْمَالِكِيِّ، يَعْنِي مِنْ رِوَايَةِ الْإِظْهَارِ، وَهِيَ فِي الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُبْهِجِ لِلْكُوفِيِّينَ سِوَى حَمْزَةَ، وَسِوَى عَمْرٍو، عَنْ حَفْصٍ، وَلِابْنِ عَامِرٍ سِوَى هِشَامٍ، وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُسْتَنِيرِ لِلْعَبْسِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ، وَلِعَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْهُ، وَلِسَائِرِ مَنْ يَقْصُرُهُ سِوَى حَمْزَةَ غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَغَيْرَ الْأَعْشَى وَقُتَيْبَةَ وَالْحَمَّامِيِّ، عَنِ النَّقَاشِ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ‏.‏ وَكَذَا فِي جَامِعِ ابْنِ فَارِسٍ سِوَى حَمْزَةَ وَالْأَعْشَى، وَكَذَا عِنْدَ ابْنِ خَيْرُونَ سِوَى حَمْزَةَ وَالْأَعْشَى وَالْمِصْرِيِّينَ، عَنْ وَرْشٍ، وَفِي الرَّوْضَةِ لِعَاصِمٍ سِوَى الْأَعْشَى، وَلِقُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَالْمِصْرِيِّينَ، عَنْ وَرْشٍ، وَفِي الرَّوْضَةِ لِعَاصِمٍ سِوَى الْأَعْشَى، وَلِقُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَفِي الْوَجِيزِ لِلْكِسَائِيِّ وَابْنِ ذَكْوَانَ، وَفِي إِرْشَادِ أَبِي الْعِزِّ لِمَنْ يَمُدُّ الْمُنْفَصِلَ سِوَى حَمْزَةَ وَالْأَخْفَشِ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَهِيَ فِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَامِرٍ، وَلِلْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ وَرْشٍ وَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَلِلدُّورِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَلِحَفْصٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عَمْرٍو، وَلِبَاقِي أَصْحَابِ ابْنِ كَثِيرٍ يَعْنِي الْبَزِّيَّ، وَغَيْرِهِ فِي مَبْسُوطِ ابْنِ مِهْرَانَ، لِسَائِرِ الْقُرَّاءِ غَيْرَ وَرْشٍ، وَحَمْزَةَ، وَالْأَعْشَى، وَفِي رَوْضَةِ أَبِي عَلِيٍّ، لِعَاصِمٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأَعْشَى‏.‏

‏[‏الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ‏]‏

وَالْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ فَوْقَهَا قَلِيلًا وَقُدِّرَتْ بِأَرْبَعِ أَلِفَاتٍ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ قَدَّرَ الثَّالِثَةِ بِثَلَاثٍ، وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثٍ وَنِصْفٍ، وَقَالَ الْهُذَلِيُّ‏:‏ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ، أَيْ‏:‏ عِنْدَ مَنْ قَدَّرَ الثَّالِثَةَ بِأَلِفَيْنِ وَنِصْفٍ، ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ فِي الضَّرْبَيْنِ لِعَاصِمٍ عِنْدَ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَابْنِ بَلِّيمَةَ، وَكَذَا فِي التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَلِابْنِ عَامِرٍ أَيْضًا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ سِوَى النَّقَّاشِ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَهِيَ فِي الْمُنْفَصِلِ لِعَاصِمٍ أَيْضًا عِنْدَ صَاحِبِ الْوَجِيزِ وَالْكِفَايَةِ الْكُبْرَى وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَعِنْدَ ابْنِ خَيْرُونَ لِعَاصِمٍ، وَلِحَمْزَةَ مِنْ طَرِيقِ الرَّزَّازِ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ خَلَفٍ، عَنْهُ، وَفِي غَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ لِحَمْزَةَ وَحْدَهُ، وَفِي تَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ لِوَرْشٍ وَحْدَهُ، وَفِي الْكَامِلِ لِأَبِي بَكْرٍ، وَلِحَفْصٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدٍ، وَالْأَخْفَشِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَلِلدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَفِي مَبْسُوطِ ابْنِ مِهْرَانَ لِلْأَعْشَى، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي رَوْضَةِ أَبِي عَلِيٍّ الْمَالِكِيِّ لِابْنِ عَامِرٍ فَقَطْ، وَلَمْ يَكُنْ طَرِيقُ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ هِشَامٍ فِيهَا، بَلِ الدَّاجُونِيِّ فَقَطْ‏.‏

‏[‏الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ‏]‏

وَالْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ فَوْقَهَا قَلِيلًا، وَقُدِّرَتْ بِخَمْسِ أَلِفَاتٍ، وَبِأَرْبَعٍ وَنِصْفٍ، وَبِأَرْبَعٍ بِحَسْبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي تَقْدِيرِ مَا قَبْلَهَا، وَهِيَ فِي الضَّرْبَيْنِ لِحَمْزَةَ وَلِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ عِنْدَ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ وَالتَّذْكِرَةِ وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَالْعُنْوَانِ وَشَيْخِهِ، وَغَيْرِهِمْ، وَفِي جَامِعِ الْبَيَانِ لِحَمْزَةَ مِنْ رِوَايَةِ خَلَّادٍ وَوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْمِصْرِيِّينَ، وَفِي التَّجْرِيدِ لِحَمْزَةَ وَوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ وَيُونُسَ، وَلِهِشَامٍ مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَهِيَ قِرَاءَتُهُ عَلَى الْفَارِسِيِّ، انْفَرَدَ بِذَلِكَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَبِي عَلِيٍّ لِحَمْزَةَ وَالْأَعْشَى فَقَطْ، وَهِيَ فِي الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُبْهِجِ لِحَمْزَةَ وَحْدَهُ، وَفِي الْمُسْتَنِيرِ لِحَمْزَةَ سِوَى الْعَبْسِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ سَلْمٍ، عَنْ سُلَيْمٍ عَنْهُ، وَلِقُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَلِلْأَعْشَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ‏:‏ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ شُيُوخُنَا عَنِ الْحَمَّامِيِّ، عَنِ النَّقَّاشِ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَفِي الرَّوْضَةِ لِحَمْزَةَ وَالْأَعْشَى، وَكَذَا فِي جَامِعِ ابْنِ فَارِسٍ، وَفِي إِرْشَادِ أَبِي الْعِزِّ لِحَمْزَةَ وَالْأَخْفَشِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَفِي كِفَايَتِهِ لِحَمْزَةَ، وَالْأَعْشَى، وَقُتَيْبَةَ وَالْحَمَّامِيِّ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ- يَعْنِي فِي رِوَايَةِ ابْنِ ذَكْوَانَ- وَفِي كِتَابَيِ ابْنِ خَيْرُونَ لِحَمْزَةَ وَالْأَعْشَى وَقُتَيْبَةَ وَالْمِصْرِيِّينَ، عَنْ وَرْشٍ، وَفِي غَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ لِلْأَعْشَى وَحْدَهُ، وَفِي تَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ لِحَمْزَةَ وَحْدَهُ‏.‏ وَكَذَا فِي مَبْسُوطِ ابْنِ مِهْرَانَ، وَفِي الْوَجِيزِ لِحَمْزَةَ وَوَرْشٍ، وَفِي التَّذْكَارِ لِحَمْزَةَ وَالْأَعْشَى وَقُتَيْبَةَ وَالْحَمَّامِيِّ، عَنِ النَّقَّاشِ، عَنِ الْأَخْفَشِ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَفِي الْكَامِلِ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ لِحَمْزَةَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَةِ، وَهُمْ مَنْ لَمْ يَسْكُتْ عَنْهُ، وَلِلْأَعْشَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلِقُتَيْبَةَ غَيْرَ النُّهَاوَنْدِيِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ فِي الْمُتَّصِلِ لِلْجَمَاعَةِ كُلِّهِمْ، عَنْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ تَفَاوُتًا، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُمْ تَفْضِيلُ مَدِّ الْمُنْفَصِلِ، إِذْ لَا مَرْتَبَةَ فَوْقَ هَذِهِ لِغَيْرِ أَصْحَابِ السَّكْتِ فِي الْمَشْهُورِ وَلَا قَائِلَ بِهِ‏.‏ وَكَذَا يَكُونُ لَهُمْ أَجْمَعِينَ فِي الْمَدِّ اللَّازِمِ لِلَّازِمِ الْمَذْكُورِ، إِذْ سَبَبُهُ أَقْوَى بِالْإِجْمَاعِ‏.‏

‏[‏الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ‏]‏

مَرْتَبَةٌ سَادِسَةٌ فَوْقَ ذَلِكَ قَدَّرَهَا الْهُذَلِيُّ بِخَمْسِ أَلِفَاتٍ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ غَلْبُونَ، وَقِيلَ بِأَقَلَّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهِيَ فِي الْكَامِلِ لِلْهُذَلِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ لِرَجَاءٍ وَابْنِ قَلُوقَا، وَابْنِ رَزِينٍ، وَخَلَفٍ، مِنْ طَرِيقِ إِدْرِيسَ وَالْمَحَفِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ السَّكْتِ عَنْهُ وَلِلشَّمُونِيِّ عَنِ الْأَعْشَى غَيْرِ ابْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَلِلزَّنْدِ وَلِأُبَيٍّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَلِوَرْشٍ غَيْرِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْهُ، وَغَيْرِ مَنْ يَأْتِي فِي الْمَرْتَبَةِ السَّابِعَةِ، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ أَيْضًا فِي غَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ لِقُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَفِي مَبْسُوطِ ابْنِ مِهْرَانَ لِوَرْشٍ، وَهِيَ أَيْضًا فِي جَامِعِ الْبَيَانِ لِحَمْزَةَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ خَلَّادٍ وَلِأَبِي بَكْرٍ مِنْ رِوَايَةِ الشَّمُونِيِّ، عَنِ الْأَعْشَى، عَنْهُ وَلِحَفْصٍ فِي رِوَايَةِ الْأُشْنَانِيِّ، عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْهُ، وَلِلْكِسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَسْكُتُونَ عَلَى السَّاكِنِ، بَلِ الْهَمْزَةُ فَهُمْ لِذَلِكَ أَشَدُّ تَحْقِيقًا وَأَبْلَغُ تَمْكِينًا‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَقَدْ خَلَفَ هَذَا الْقَوْلَ فِي التَّيْسِيرِ وَمُفْرَدَاتِهِ فَجَعَلَ مَدَّ حَمْزَةَ فِي رِوَايَةِ خَلَفٍ وَخَلَّادٍ وَسَائِرِ رُوَاتِهِ وَاحِدًا، وَالصَّوَابُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ، إِنَّمَا تَتَأَتَّى لِأَصْحَابِ السَّكْتِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى حَرُوفِ الْمَدِّ قَبْلَ الْهَمْزِ كَمَا يَسْكُتُ عَلَى السَّاكِنِ غَيْرِهِ قَبْلَ الْهَمْزِ- لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ زِيَادَةِ قَدْرَ السَّكْتِ بَعْدَ الْمَدِّ، فَمَنْ أَلْحَقَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِالْمَدِّ زَادَ مَرْتَبَةً عَلَى الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ، وَمَنْ لَمْ يُلْحِقْهَا بِالْمَدِّ لَمْ يَتَجَاوَزِ الْمَرْتَبَةَ الْخَامِسَةَ، وَمَنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ عَدَلَ عَنِ الْأَصْوَبِ وَالْأَقْوَى، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏المَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ الْإِفْرَاطُ‏]‏

مَرْتَبَةٌ سَابِعَةٌ فَوْقَ ذَلِكَ وَهِيَ الْإِفْرَاطُ قَدَّرَهَا الْهُذَلِيُّ بِسِتِّ أَلِفَاتِ، وَذَكَرَهَا فِي كَامِلِهِ لِوَرْشٍ فِيمَا رَوَاهُ الْحَدَّادُ، وَابْنُ نَفِيسٍ،، وَابْنُ سُفْيَانَ وَابْنُ غَلْبُونَ، وَقَدْ وُهِمَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَانْفَرَدَ بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، وَشَذَّ عَنْ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ، فَالْأَدَاءُ عَنْهُمْ مُسْتَفِيضٌ، وَنُصُوصُهُمْ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَمْ يَتَجَاوَزْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْمَرْتَبَةَ الْخَامِسَةَ، وَكُلُّهُمْ سَوَّى بَيْنَ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ وَبَيْنَ حَمْزَةَ، وَسَيَأْتِي حِكَايَةُ نُصُوصِهِمْ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

‏[‏النُّصُوصُ عَلَى تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ الْمَدِّ‏]‏

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِي تَقْدِيرِ الْمَرَاتِبِ بِالْأَلِفَاتِ لَا تَحْقِيقَ وَرَاءَهُ، بَلْ يَرْجِعُ إِلَى أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْتَبَةَ الدُّنْيَا وَهِيَ الْقَصْرُ، إِذَا زِيدَ عَلَيْهَا أَدْنَى زِيَادَةٍ صَارَتْ ثَانِيَةً، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْقُصْوَى، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بِعَيْنِهَا إِنْ قُدِّرَتْ بِأَلِفٍ أَوْ بِنِصْفِ أَلِفٍ هِيَ وَاحِدَةٌ، فَالْمُقَدَّرُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَالْمُحَقَّقُ إِنَّمَا هُوَ الزِّيَادَةُ، وَهَذَا مِمَّا تَحْكُمُهُ الْمُشَافَهَةُ، وَتُوَضِّحُهُ الْحِكَايَةُ، وَيُبَيِّنُهُ الِاخْتِبَارُ، وَيَكْشِفُهُ الْحُسْنُ‏.‏

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ-‏:‏ وَهَذَا كُلُّهُ جَارٍ عَلَى طِبَاعِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ فِي تَفْكِيكِ الْحُرُوفِ، وَتَلْخِيصِ السَّوَاكِنِ، وَتَحْقِيقِ الْقِرَاءَةِ، وَحَدْرِهَا، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مَذْهَبٌ يُسْرِفُ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ إِسْرَافًا يَخْرُجُ عَنِ الْمُتَعَارَفِ فِي اللُّغَةِ وَالْمُتَعَالَمِ فِي الْقِرَاءَةِ، بَلْ ذَلِكَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمُشَافَهَةُ تُوَضِّحُ حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَالْحِكَايَةُ تُبَيِّنُ كَيْفِيَّتَهُ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَرُبَّمَا بَالَغَ الْأُسْتَاذُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ فِي التَّحْقِيقِ وَالتَّجْوِيدِ وَالْمَدِّ وَالتَّفْكِيكِ؛ لِيَأْتِيَ بِالْقَدْرِ الْجَائِزِ الْمَقْصُودِ، كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ الدَّقَّاقُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، عَنِ الْإِمَامِ أَبِي الْفَضْلِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضْلٍ الْوَاسِطِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الصُّوفِيِّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَاطِرْقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُقْرِي الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ شَنَبُوذَ إِمْلَاءً، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا أَبُو حَمْدُونَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ حَمْزَةَ يَقُولُ‏:‏ إِنَّمَا أَزِيدُ عَلَى الْغُلَامِ فِي الْمَدِّ لِيَأْتِيَ بِالْمَعْنَى، انْتَهَى‏.‏ وَرُوِّينَا، عَنْ حَمْزَةَ أَيْضًا أَنَّ رَجُلًا قَرَأَ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَمُدُّ، فَقَالَ لَهُ حَمْزَةُ‏:‏ لَا تَفْعَلْ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَا كَانَ فَوْقَ الْبَيَاضِ فَهُوَ بَرَصٌ، وَمَا كَانَ فَوْقَ الْجُعُودَةِ فَهُوَ قَطِطٌ، وَمَا كَانَ فَوْقَ الْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ فَالْأَوَّلُ لَمَّا لَمْ يُوَفِّ الْحَقَّ زَادَ عَلَيْهِ لِيُوَفِّيَهُ وَالثَّانِي لَمَّا زَادَ عَلَى الْحَقِّ لِيَهْدِيَهُ، فَلَا يَكُونُ تَفْرِيطٌ وَلَا إِفْرَاطٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رَوَى الدُّورِيُّ، عَنْ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ قَالَ الثَّوْرِيُّ لِحَمْزَةَ، وَهُوَ يُقْرِئُ‏:‏ يَا أَبَا عِمَارَةَ مَا هَذَا الْهَمْزُ وَالْقَطْعُ وَالشِّدَّةُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ رِيَاضَةٌ لِلْمُتَعَلِّمِ، وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ نُصُوصِ الْأَئِمَّةِ مَا حَضَرْنَا كَمَا وَعَدْنَا‏.‏ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ فِي التَّذْكِرَةِ إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ، وَأَبَا شُعَيْبٍ وَقَالُونَ، سِوَى أَبِي نَشِيطٍ وَيَعْقُوبَ- يَمُدُّونَ أَحْرُفَ الْمَدِّ إِذَا كُنَّ مَعَ الْهَمْزَةِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَدًّا وَسَطًا، وَيَتْرُكُونَ مَدَّهَا زِيَادَةً عَلَى مَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَدِّ وَاللِّينِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْهَمْزَةِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ وَأَبُو نَشِيطٍ، عَنْ قَالُونَ، وَالدُّورِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِمَدِّ حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ إِذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْهَمْزِ فِي هَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ مَدًّا وَاحِدًا مُشْبَعًا غَيْرَ أَنَّهُمْ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْمَدِّ، فَأَشْبَعُهُمْ مَدًّا وَرْشٌ وَحَمْزَةُ، ثُمَّ عَاصِمٌ دُونَ مَدِّهَا قَلِيلًا، ثُمَّ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ دُونَ مَدِّهِ قَلِيلًا، ثُمَّ أَبُو نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ، وَالدُّورِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو دُونَ مَدِّهِمَا قَلِيلًا، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو فِي التَّيْسِيرِ‏:‏ إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ وَقَالُونَ- بِخِلَافٍ عَنْهُ- وَأَبَا شُعَيْبٍ وَغَيْرَهُ عَنِ الْيَزِيدِيِّ يَقْصُرُونَ حَرْفَ الْمَدِّ، فَلَا يَزِيدُونَهُ تَمْكِينًا عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْمَدِّ الَّذِي لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِهِ، وَمَثَّلَ الْمُنْفَصِلَ ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَالْبَاقُونَ يُطَوِّلُونَ حَرْفَ الْمَدِّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً، وَأَطْوَلُهُمْ مَدًّا فِي الضَّرْبَيْنِ جَمِيعًا وَرْشٌ وَحَمْزَةُ، وَدُونَهُمَا عَاصِمٌ، وَدُونَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ، وَدُونَهُمَا أَبُو عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَقَالُونُ مِنْ طَرِيقٍ أَبِي نَشِيطٍ بِخِلَافٍ عَنْهُ، وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ ‏:‏ وَأَشْبَعُ الْقِرَاءَةِ مَدًّا وَأَزْيَدُهُمْ تَمْكِينًا فِي الضَّرْبَيْنِ جَمِيعًا مِنَ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ حَمْزَةُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ خَلَّادٍ وَأَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ الشَّمُونِيِّ عَنِ الْأَعْشَى، عَنْهُ، وَحَفْصٌ فِي رِوَايَةِ الْأُشْنَانِيِّ، عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْهُ، قَالَ‏:‏ وَدُونَهُمْ فِي الْإِشْبَاعِ وَالتَّمْكِينِ حَمْزَةُ فِي رِوَايَةِ خَلَّادٍ وَنَافِعٌ فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْمِصْرِيِّينَ، وَدُونَهُمَا عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ الشَّمُونِيِّ عَنِ الْأَعْشَى، وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُشْنَانِيِّ، عَنْ حَفْصٍ، وَدُونَهُ الْكِسَائِيُّ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ وَابْنِ عَامِرٍ، وَدُونَهُمَا أَبُو عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَسَائِرِ الْبَغْدَادِيِّينَ، وَنَافِعٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَدُونَهُمَا ابْنُ كَثِيرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى التَّمَيُّزِ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْ كَلِمَةٍ وَمِنْ كَلِمَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ فِي التَّبْصِرَةِ‏:‏ إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ وَأَبَا عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ- يَعْنِي السُّوسِيَّ وَالْحُلْوَانِيَّ- عَنْ قَالُونَ يَقْصُرُونَ الْمُنْفَصِلَ، وَأَبَا نَشِيطٍ، عَنْ قَالُونَ وَأَبَا عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ- يَعْنِي الدُّورِيَّ- بِالْمَدِّ مَدًّا مُتَمَكِّنًا، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَامِرٍ، وَالْكِسَائِيُّ غَيْرَ أَنَّهُمَا أَزْيَدُ قَلِيلًا وَمِثْلُهُمَا عَاصِمٌ غَيْرَ أَنَّهُ أَزْيَدُ قَلِيلًا، وَمِثْلُهُ وَرْشٌ وَحَمْزَةُ غَيْرَ أَنَّهُمَا أَمْكَنُ قَلِيلًا‏.‏ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ فِي الْهِدَايَةِ وَأَطْوَلُهُمْ- يَعْنِي فِي الْمُنْفَصِلِ حَمْزَةُ وَوَرْشٌ، ثُمَّ عَاصِمٌ، ثُمَّ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ، ثُمَّ أَبُو نَشِيطٍ وَالدُّورِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، ثُمَّ الْبَاقُونَ‏.‏ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي الْكَافِي عَنِ الْمُنْفَصِلِ‏:‏ فَوَرْشٌ وَحَمْزَةُ أَطْوَلُهُمْ مَدًّا، وَعَاصِمٌ دُونَهُمَا، وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ دُونَهُ، وَقَالُونُ وَالدُّورِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ دُونَهُمَا، وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو شُعَيْبٍ أَقَلُّهُمْ مَدًّا، وَقَدْ قَرَأْتُ لَقَالُونَ وَالدُّورِيِّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ كَابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا يُشْبَعُ الْمَدُّ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ إِذَا جَاءَ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ، أَوْ حَرْفٌ سَاكِنٌ مُدْغَمٌ، أَوْ غَيْرُ مُدْغَمٍ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ فِي الْوَجِيزِ إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ وَأَبَا عَمْرٍو، وَيَعْقُوبَ، وَقَالُونَ، وَهِشَامًا لَا يَمُدُّونَ الْمُنْفَصِلَ، وَإِنَّ أَطْوَلَهُمْ مَدًّا حَمْزَةُ وَوَرْشٌ، وَإِنَّ عَاصِمًا أَلْطَفُ مَدًّا، وَإِنَّ الْكِسَائِيَّ وَابْنَ ذَكْوَانَ أَلْطَفُ مِنْهُ مَدًّا، قَالَ‏:‏ فَإِذَا كَانَ حَرْفُ الْمَدِّ مَعَ الْهَمْزَةِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْمَعُوا عَلَى مَدِّهِ زِيَادَةً، وَيَتَفَاضَلُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَذَاهِبِهِمْ فِي التَّجْوِيدِ وَالتَّحْقِيقِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَهَذَا يَقْتَضِي التَّفَاوُتَ أَيْضًا فِي الْمُتَّصِلِ كَالْجَمَاعَةِ، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ فِي التَّجْرِيدِ إِنَّ حَمْزَةَ وَالنَّقَّاشَ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ وَيُونُسَ وَالْأَزْرَقَ، عَنْ وَرْشٍ يَمُدُّونَ الضَّرْبَيْنِ مَدًّا مُشْبَعًا تَامًّا، وَيَلِيهِمْ عَبْدُ الْبَاقِي، عَنْ عَاصِمٍ، وَالْفَارِسِيُّ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ سِوَى النَّقَّاشِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، وَيَلِيهِمُ الْكِسَائِيُّ وَعَبْدُ الْبَاقِي عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَأَبُو نَشِيطٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ وَرْشٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ، يَعْنِي مِنْ طُرُقِ الْإِظْهَارِ، وَالْبَاقُونَ وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَالْقَاضِي وَالْحُلْوَانِيُّ، عَنْ قَالُونَ وَأَبُو عَمْرٍو يَعْنِي مِنْ طُرُقِ الْإِدْغَامِ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْبَاقِي وَابْنِ نَفِيسٍ، عَنْ أَصْحَابِهِمْ عَنْهُ مِثْلُهُمْ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَمُدُّونَ حَرْفًا لِحَرْفٍ، وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي التَّلْخِيصِ ‏:‏ إِنَّ حِجَازِيًّا غَيْرَ وَرْشٍ وَالْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ يَتْرُكُونَ الْمَدَّ حَرْفًا لِحَرْفٍ وَيُمَكِّنُونَ تَمْكِينًا‏.‏ وَإِنَّ عَاصِمًا وَالْكِسَائِيَّ وَابْنَ عَامِرٍ إِلَّا الْحُلْوَانِيَّ يَمُدُّونَ وَسَطًا فَوْقَ الْأَوْلَى قَلِيلًا‏.‏ وَإِنَّ حَمْزَةَ وَوَرْشًا يَمُدَّانِ مَدًّا تَامًّا، وَإِنَّ حَمْزَةَ أَطْوَلُ مَدًّا‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَصْرِ الْمَحْضِ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَاذِشِ فِي الْإِقْنَاعِ ‏:‏ وَأَطْوَلُ الْقُرَّاءِ مَدًّا فِي الضَّرْبَيْنِ وَرْشٌ وَحَمْزَةُ، وَمَدُّهُمَا مُتَقَارِبٌ، قَالَ‏:‏ وَيَلِيهِمَا عَاصِمٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مَدٍّ، وَقَطْعٍ، وَقِرَاءَةٍ شَدِيدَةٍ، وَيَلِيهِ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ، قَالَ‏:‏ وَعَلَى مَا قَرَأْتُ بِهِ لِلْحُلْوَانِيِّ، عَنْ هِشَامٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدَانَ مِنْ تَرْكِ مَدِّ حَرْفٍ لِحَرْفٍ يَكُونُ ابْنُ عَامِرٍ دُونَ مَدِّ الْكِسَائِيِّ وَيَلِيهِمَا أَبُو عَمْرٍو مِنْ طَرِيقَيِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَقَالُونَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْفَرْضِيِّ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ، وَقَالَ ابْنُ شَيْطَا‏:‏ إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ يَأْتِي بِحَرْفِ الْمَدِّ فِي الْمُنْفَصِلِ عَلَى صِيغَتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَإِنَّ مَدَنِيًّا وَالْحُلْوَانِيَّ لِهِشَامٍ وَالْحَمَّامِيَّ عَنِ الْوَلِيِّ، عَنْ حَفْصٍ يَأْتُونَ فِي ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ، وَأَبُو عُمَرَ وَلَهُ مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا كَابْنِ كَثِيرٍ يَخُصُّ بِهِ الْإِدْغَامَ، وَالثَّانِي كَنَافِعٍ وَمَنْ تَابَعَهُ بَلْ أَتَمُّ مِنْهُ يَخُصُّ بِهِ الْإِظْهَارَ، قَالَ‏:‏ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَبِهِ أَقْرَأَ ابْنُ مُجَاهِدٍ أَصْحَابَهُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَالْبَاقُونَ بِمَدٍّ مُشْبَعٍ غَيْرِ فَاحِشٍ وَلَا مُجَاوِزٍ لِلْحَدِّ، وَأَتَمُّهُمْ مَدًّا حَمْزَةُ، وَالْأَعْشَى وَقُتَيْبَةُ وَالْحَمَّامِيُّ، عَنِ النَّقَّاشِ، عَنِ الْأَخْفَشِ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَبَاقِيهِمْ يَتَقَارَبُونَ فِيهِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا قَصْرَ فِي الْمُنْفَصِلِ لِغَيْرِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْمُنْفَصِلَ وَتَمْثِيلِهِ‏:‏ فَقَرَأَ بِتَمْكِينِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ حِجَازِيٍّ، وَالْحُلْوَانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، وَالْوَلِيُّ، عَنْ حَفْصٍ وَأَقْصَرُهُمْ مَدًّا مَكِّيٌّ، ثُمَّ قَالَ الْبَاقُونَ بِالْمَدِّ الْمُسْتَوْفَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ التَّمْكِينِ، وَأَطْوَلُهُمْ مَدًّا حَمْزَةُ، ثُمَّ الْأَعْشَى، ثُمَّ قُتَيْبَةُ، قَالَ‏:‏ وَأَجْمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى إِتْمَامِ الْمَدِّ وَإِشْبَاعِهِ، فِيمَا كَانَ حَرْفُ الْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ بَعْدَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي الْمُبْهِجِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْمُنْفَصِلَ، فَكَانَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ يُمَكِّنَانِ هَذِهِ الْحُرُوفَ تَمْكِينًا يَسِيرًا سَهْلًا، قَالَ‏:‏ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَقْصُرَانِهَا قَصْرًا مَحْضًا، يَعْنِي أَنَّهُمَا يَنْطِقَانِ بِأَحْرُفِ الْمَدِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَلَى صُورَتِهِنَّ فِي الْخَطِّ‏.‏ وَكَانَ نَافِعٌ إِلَّا أَبَا سُلَيْمَانَ وَأَبَا مَرْوَانَ جَمِيعًا، عَنْ قَالُونَ وَهِشَامٍ وَحَفْصٍ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الصَّبَّاحِ وَيَعْقُوبُ يَمُدُّونَهَا مَدًّا مُتَوَسِّطًا، فَيُنَفِّسُونَ مَدَّهَا تَنْفِيسًا‏.‏

قَالَ‏:‏ وَكَانَ لِأَبِي عَمْرٍو فِي مَدِّهِنَّ مَذْهَبَانِ‏:‏ أَحَدُهُمَا الْقَصْرُ عَلَى نَحْوِ قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ إِذَا أَدْغَمَ الْمُتَحَرِّكَاتِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّذَائِيُّ، وَأَمَّا الْمُطَّوِّعِيُّ فَمَا عَرَفْتُ عَنْهُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو نَصًّا، وَالَّذِي قَرَأْتُ بِهِ عَلَى شَيْخِنَا الشَّرِيفِ بِالْمَدِّ الْحَسَنِ كَنَافِعٍ وَمُتَابِعِيهِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَّا الشَّنَبُوذِيَّ عَنِ الْأَعْمَشِ وَعَمْرِو بْنِ الصَّبَّاحِ وَابْنِ عَامِرٍ إِلَّا هِشَامًا وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَأَبُو مَرْوَانَ، عَنْ قَالُونَ يَمُدُّونَ مَدًّا تَامًّا حَسَنًا مُشْبَعًا مِنْ غَيْرِ فُحْشٍ فِيهِ، وَكَانَ أَتَمُّهُمْ مَدًّا وَأَزْيَدُهُمْ فِيهِ حَدًّا وَتَمَطِّيًا حَمْزَةَ، وَيُقَارِبُهُ قُتَيْبَةُ وَيُدَانِيهِمَا ابْنُ عَامِرٍ غَيْرَ هِشَامٍ‏.‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَمْكِينِ هَذِهِ الْحُرُوفِ التَّمْكِينَ الْوَافِيَ، وَأَنْ يُمَدَّ الْمَدُّ الشَّافِي بِشَرْطِ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهَا فِي الْكَلِمَةِ هَمْزَةٌ، أَوْ مُدْغَمٌ‏.‏